بالرغم من التصور الإسرائيلى الحذر والغير مرحب للدور المصرى ،و فضلاً عن الضغوط الى مورست على مصرللقيام بدور أمنى فى غزة ، فإن الشروط الموضوعية التى إشترطتها مصر للقيام بدورها ، والتى تنسجم ليس فقط مع الثوابت المصرية لحل الصراع ، بل والفلسطينية أيضاً ، تؤكد أن المبادرة مصرية خالصة ، تنبع من رؤية مصر لدورها فى ظل المعطيات الجديدة
فمنذ اللحظة التى أعلنت فيها مصرإلتزامها بضمان الأمن فى غزة بعد الإنسحاب الإسرائيلى حرصت مصر على بقاء السلطة الفلسطينية طرفاً فى أى خطوة يتم إنجازها فى هذا الشأن وأكدت رغبتها فى أن يكون أى تقدم فى هذا المسار ناتجاً عن حوار فلسطيني-اسرائيلي مباشر تكون فيه السلطة الوطنية الفلسطينية الطرف الآخر للحوار وليس مصر أو أى دولة أخرى
كذلك رحبت مصربمبدأ الإنسحاب فى حد ذاته ،بإعتبار
أن أى إنسحاب إسرائيلى من أى شبر من الأراضى الفلسطيني المحتلة عام 1967 هو فى حد ذاته إنجاز يجب أن يرحب به و فى الوقت نفسه يجب أن يكون الإنسحاب من غزة كاملاً وشاملاً مع
رفض الإبقاء على على أى مستوطنة إسرائيلية واحدة
ويمكن القول أن قبول مصر بلعب دور هام وفعّال فى خطة الإنسحاب الإسرائيلى من غزة لا يعنى
إستبعاد السلطة الفلسطينية ، وإنما يتعين أن تتم جميع الترتيبات المتعلقة بالإنسحاب من غزة مع السلطة الوطنية كطرف سياسى وشرعى ، ومن ثم فإن مصرهنا لن تكون طرفاً بديلاً تحت أى ظرف.. وفى هذا رد مباشر و واضح على مقولات إسرائيل بأنه لا يوجد شريك فلسطينى للتفاوض معه ، و رفض أيضاً لما قيل بأن تقوم مصر بالسيطرة المباشرة على الأمن فى غزة وفى هذا الإطار، سعت مصر بإتجاه الإدارة الأمريكية لإقناعها بالضغط على إسرائيل لتنسيق خطتها للإنسحاب مع الفلسطينيين وقد جاء هذا التحرك عبر مشاورات ومباحثات مصرية - فلسطينية- إسرائيلية -أمريكية
أدارها سيادة اللواء عمر سليمان على أكمل وجه من خلال زياراته الى رام الله وتل أبيب وواشنطون فى مارس 2004
ولضمان قيام مصر بدورها وضمان نجاحه
طالب سيادة اللواء عمر سليمان من الولايات المتحدة و إسرائيل أن تتعهد الأخيرة - بضمانات أمريكية- بوقف عمليات الإغتيال ضد القادة الفلسطينيين من كل الأطراف وجميع الفصائل ،وأن تمتنع اسرائيل عن أى رد عسكرى حتى فى حال وقوع عمليات عسكرية ضدها
إنطلاقاً من قطاع غزة وفى هذا الإطار ، وتمت الموافقة على المطالب المصرية على الفور
كما أصرت مصر كذلك على أن يتم حل أية إشكاليات أمنية مستقبلية قد تنطلق ضد إسرائيل من قطاع غزة بالتشاور والتعاون مع الجهات الأمنية الفلسطينية ومع القيادات الأمنية والأجهزة الإدارية المصرية
وقد نجح ما قام به سيادة اللواء عمر سليمان عبر التحرك الدبلوماسى النشط الى خروج دائرة الصراع من البوتقتين الإسرائيلية والفلسطينية ، وكسر الإحتكار الأمريكى لشئون الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ، ليعود الإهتمام الدولى به عبر وسائل فعلية تعيد عمل اللجنة الرباعية الدولية
وقد وافقت عدة دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا واسبانيا والصين وروسيا على تزويد قوات الأمن الفلسطينية بكل ما يلزمها من أموال ومعدات وخبراء .والأهم من ذلك ربط الجانب الأوروبى بين تنفيذ الإنسحاب و تسهيل الدور المصرى فى إطار عمل اللجنة الرباعية وأن يكون جزءا من خارطة الطريق
ويمكن القول فى هذا السياق أن التحركات المصرية
قد نجحت وأحدثت صدى دولى كبير فى قمة دول الثمانى التى عقدت فى يونيو 2004 ، حيث أكدت لأول مرّه ضرورة
إتخاذ الخطوات اللازمة لضمان تنفيذ الإلتزامات الواردة بخارطة الطريق ، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ، وضمان التواصل الجغرافى لهذه الدولة المنشودة ، مع المساعدة فى تنظيم الإنتخابات البلدية التى جرت جولتها الأولى فى الأراضى الفلسطينية فى ديسمبر 2004
وللحديث بقية
عن طبيعة وأبعاد الدور المصرى
وإعلان مصر مبادرتها بالمساهمة فى تسهيل تنفيذ الإنسحاب الإسرائيلى الشامل من قطاع غزة والذى بدأت أولى خطواته فى مايو 2004